حكايات عن فصاحة و بلاغة نساء العرب

المتأمل في تراثنا العربي يجد العديد من   حكايات الفصحاء من النساء العرب و أكثرهن بلاغة و فصاحة و قوتهن و قدرتهن على الرد و سرعة البديهة ، اخترنا لكم بعضا من قصص و حكايات عن فصاحة و بلاغة نساء العرب .

حكاية هند ابنة النعمان و الحجاج

حكي أن هند ابنة النعمان كانت أحسن أهل زمانها ، فوُصِف للحجاج حسنها ، فأ،فذ إليها يخطبها ، و بذل لها مالا جزيلا ، و تزوج بها ، و شرط لها عليه بعد الصداق 200000 ألف درهم و دخل بها ، ثم انها انحدرت معه إلى بلد أبيها المعرة و كانت هند فصيحة أديبة ، فأقام الحجاج بالمعرة مدة طويلة ، ثم إن الحجاج رحل بها إلى العراق فأقامت معه ما شاء الله ، ثم دخل عليها في بعض الأيام و هي تنظر في المرآة و تقول :

و ما هند إلا مهرة
عربية   سليلة أفراس تحللها بغل 
فإن ولدت فحلا لله
درها   و إن ولدت بغلا فجاء به البغل 

فانصرف الحجاج راجعا و لم يدخل عليها ، و لم تكن علمت به ، فأراد الحجاج طلاقها ، فأنفذ إليها عبد الله بن طاهر و أنفذ لها معه مائتي ألف درهم ، و هي التي كانت لها عليه ، و قال : ابن الطاهر طلقها بكلمتين ، و لا تزد عليهما ، فدخل عبد الله بن طاهر عليها ، فقال: يقول لك أبو محمد الحجاج : “كُنتِ فَبِنت”ِ و هذه المائتا ألف درهم التي كانت لك قبله ، فقالت : اعلم يا بن طاهر : أنا و الله كنا فما حمدنا و بِنّا فما ندمنا ، و هذه المائتا ألف درهم التي جئت بها بشارة لك بخلاصي من كلب بني ثقيف .

أن الإناء ولغ فيه كلب

ثم بعد ذلك بلغ أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان خبرها ووصف له جمالها ، فأرسل إليها يخطبها ، فأرسلت إليه كتابا تقول فيه بعد الثناء عليه اعلم يا أمير المؤمنين ، أن الإناء ولغ فيه الكلب ، فلما قرأ عبد الملك الكتاب ضحك من قولها ، و كتب إليها يقول إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا إحداهن بالتراب ، فاغسلي الإناء يحل الاستعمال ، فلما قرأت كتاب أمير المؤمنين لم يمكنها المخالفة ، فكتبت إليه بعد الثناء عليه ، يا أمير المؤمنين و الله لا أحل العقد إلا بشرط ، فإن قلت ما هو الشرط ؟ قلت : أن يقود الحجاج محملي من المعرة إلى بلدك الذي أنت فيها ، و يكون ماشيا حافيا بحليته التي كان فيها أولا ، فلما قرأ عبد الملك ذلك المتاب ضحك ضحكا شديدا ، و أنفذ إلى الحجاج و أمره بذلك .  

سقط منا درهم فعوضنا الله دينارا

فلما قرأ الحجاج رسالة أمير المؤمنين أجاب و امتثل الامر و لم يخالف ، و أنفذ إلى هند يأمرها بالتجهز ، فتجهزت  ،و سار الحجاج في موكبه حتى وصل المعرة بلد هند ، ركبت هند في محمل الزفاف ، و ركب حولها جواريها و خدمها ، و اخذ الحجاج بزمام البعير يقوده و يسير بها فجعلت هند تتواغد عليه و تضحك مع الهيفاء دايتها ، ثم إنها قالت للهيفاء : يا داية اكشفي لي سجف المحمل ، فكشفته ، فوقه وجهها في وجه الحجاج ، فضحكت عليه ، فأنشأ يقول:

فإن تضحكي مني فيا طول ليلة   
تركتك فيها كالقباء المفرج 

فأجابته هند تقول :

و ما نبالي إذا أرواحنا سلمت   بما فقدناه من مال و من نشب 
فالمال مكتسب و العز مرتجع       إذا النفوس وقاها الله من عطب 

و لم تزل كذلك تضحك و تلعب إلى أن قربت من بلد الخليفة ، فرمت بدينار على الأرض ، و تادت : يا جمال إنه قد سقط من درهم ، فارفعه إلينا ، فنظر الحجاج إلى الأرض ، فلم يجد إلا دينارا ، فقال : إنما هو دينار ، فقالت : بل هو درهم ، قال : بل دينار ، فقالت : الحمد لله سقط منا درهم ، فعوضنا الله دينارا ، فخجل الحجاج و سكت ، و لم يرد جوابا ، ثم دخل بها على عبد الملك بن مروان ، فتزوج بها و كان من أمرها ما كان .

حكايات عن فصاحة و بلاغة نساء العرب

امرأة من الخوارج و الحجاج

قيل : أتى الحجاج بامرأة من الخوارج ، فقال لأصحابه ما تقولون فيها ؟ قالوا : عاجلها بالقتل يا أمير ، فقالت الخارجية : لقد كان وزراء صاحبك خيرا من وزرائك يا حجاج ، قال و من هو  صاحبي ؟ قالت : فرعون استشارهم في موسى عليه السلام فقالوا : أرجه و أخاه .

و أتِي بأخرى من الخوارج ، فجعل يكلمها و هي لا تنظر إليه ، فقيل لها : الأمير يكلمك ، و أنت لا تنظرين إليه ، فقالت : إني لأستحي أن أنظر إلى من لا ينظر الله إليه .

قصة امرأة تشكو زوجها لعمر بن الخطاب رضي الله عنه

من قصص فصاحة نساء العبر قصة امرأة من المدينة شكت  أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب زوجها .

جاءت امرأة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقالت : يا أمير المؤمنين إن زوجي يصوم النهار و يقوم الليل ، فقال لها : نِعم الزوج زوجك ، و كان في مجلسه رجل يسمى كعبا ، فقال: يا أمير المؤمنين / إن هذه المرأة تشكو زوجها في أمر مباعدته إياها عن فراشه ، فقال له : كما فهمت كلامها احكم بينهما .

فقال : كعب : علي بزوجها ، فأحضر ، فقال له : إن هذه المرأة تشكوك ، قال : أفي أمر طعام أم شراب ؟ قال : بل في أمر مباعدتك إياها عن فراشك ، فأنشدت المرأة تقول :

يا أيها القاضي الحكيم أنشده        ألهى خليلي عن فراشه مسجده 
نهاره و ليله لا يرقده                               فلست في أمر النساء أحمد 

فأنشأ الزوج يقول  :

زهدني في فرشها و في الحلل          أني امرؤ أذهلني ما قد نزل 
في سورة النمل و في السبع الطول     و في كتاب الله تخويف يجل 

فقال له القاضي :

إن لها عليك حقا لم يزل    في لأربع نصيبها لمن عقل 
فعاطها ذاك و دع عنك العلل 

ثم قال : إن الله تعالى أحل  لك من النساء مثنى و ثلاث و رباع ، فلك الثلاثة أيام بلياليهن و لها يوم و ليلة ، فقال عمر رضي الله عنه : لا أدري من أيكم أعجب أمن كلامها أم من حكمك بينهما ، اذهب فقد وليتك البصرة .

المراجع :

المستطرف في كل فن مستظرف ، الأشيهي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ج1، ط1، 1993 بتصرف

أضف تعليق

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ
search previous next tag category expand menu location phone mail time cart zoom edit close